عشرات من الطلبة يتزاحمون داخل صف دراسي ضيق قد يجد بعضهم كرسياً للجلوس وسط زملائه بينما يضطر المتأخرون إلى تسلف كراسي من هنا وهناك ليجلسوا ويزداد الصف اكتظاظاً ويدخل الأستاذ فيجد نفسه مسمراً أمام السبورة فالتكدس الطلابي يشل الحركة داخل القاعة هكذا هو المشهد في كثير من الصفوف الدراسية بكليات جامعة الكويت.
أزمة تكدس الطلبة داخل القاعات الدراسية ليست بجديدة على كليات الجامعة لكنها تزداد سوءاً يوماً بعد يوم وإن كان يصعب وضع حلول لها في ظل تراكم عوامل كثيرة أدت إليها كقبول أعداد كبيرة من الطلبة وتأخر تخرج كثيرين.
نتائج هذه المشكلة تؤرق الأساتذة والطلبة بشكل مستمر فالأجواء غير المريحة داخل القاعات الدراسية تؤثر سلباً في العملية التعليمية فلا يتاح للطلبة جميعهم المشاركة والتفاعل مع الأستاذ مما يضيّع هدفين أساسيين من أهداف التعليم الجامعي وهما تكوين عقلية ناقدة واكتساب مهارات الحوار ويصعب على الأستاذ ادارة المحاضرة بما يحقق الغرض من المقرر في بعض الأحيان فضلاً عن تشتت انتباه الطلبة بالعوامل المحيطة ومن ثم لجوئهم إلى الدروس الخصوصية لتعويض ما فاتهم من معلومات داخل الفصل الدراسي كما تزداد محاولات الغش نظراً لقرب الطلبة بعضهم من بعض أثناء الاختبارات الأمر الذي يترك تبعات سلبية على التعليم.




في هذا الصدد قال أستاذ الادارة والتخطيط التربوي بكلية التربية بجامعة الكويت د. أحمد العنزي إن ظاهرة التكدس الطلابي انتشرت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة فقبل عدة سنوات كانت الطاقة الاستيعابية لأغلب القاعات بين 50 الى 60 طالبا وكان عدد الطلبة المسجلين يقارب تلك الطاقة الاستيعابية بشكل قد يستطيع معه الأستاذ تحقيق الأهداف التربوية للمقرر بشكل مناسب لكن حالياً أصبحت الظاهرة مشكلة تعيق إنجاز الأهداف الطلابية وتعرقل أداء الأساتذة والطلبة في الفصل.
وأضاف العنزي أن هناك معادلة تربوية معروفة تساعد على تعميم الفائدة على الطلبة بشكل متساو وهي تقسيم عدد دقائق المحاضرة على عدد الطلبة فالنسبة المقبولة والمتعارف عليها عالمياً هي تخصيص دقيقة لكل طالب في حين لدينا ارتفاع كبير وواضح لهذه النسبة مقارنة بالنسبة العالمية وهذا يبخس حق ووقت الطالب في الاستفسار والنقاش داخل الفصل كما تضطر الأستاذ الجامعي الى استخدام طريقة «الإلقاء» التقليدية في أغلب محاضراته وذلك لأنها مناسبة للأعداد الطلابية المرتفعة وهذا يعني التخلي عن طرق التدريس المهمة الأخرى.
بدوره أوضح رئيس قسم علم النفس التربوي بكلية التربية بجامعة الكويت د. عيسى البلهان أن البيئة غير المناسبة للطلبة تحدث مشاحنات ومضايقات بينهم فالمكان الضيق يبعث على عدم الراحة النفسية ومن ثم تكثر المشكلات والمشاحنات لافتاً إلى أن الأحاديث الجانبية لبعض الطلبة قد تتسبب في هدر وقت المحاضرة وصعوبة السيطرة على الفصل الدراسي كما لا يستفيد الطلبة مما يشرحه الأستاذ.





بيّن أستاذ الإدارة والتخطيط التربوي بكلية التربية بجامعة الكويت د. أحمد العنزي أن ضغط الأعداد الطلابية الكبيرة مصحوباً بعدم توافر الوقت الكافي للمحاضرة يجعل عملية مراجعة وتقييم متطلبات المقرر كالزيارات الميدانية والتقارير والبحوث عمليات صعبة ومرهقة للغاية وقد يضطر بعض الأساتذة في الجامعة الى التخلي عن بعضها في نهاية الأمر وهذا بدوره يؤثر سلباً في أهداف المقرر.