قهرت الظلام بنور البصيرة وسطّرت بأناملها أسمى معاني القوة والثبات في الحياة ولم تثنها إعاقتها البصرية عن تحقيق طموحها في ممارسة فن التريكو اليدوي الذي أحبته منذ الصغر لتمضي بكل ثقة وتشق طريقاً مملوءاً بالعزم والتحدي.
إنها منيرة المخيزيم (65 عاماً) التي تعرّف نفسها بأنها «فقدت البصر ولم تفقد البصيرة».. وهي امرأة من الزمن الجميل وأول كفيفة في العالم تدرس تخصص الجغرافيا في جامعة الكويت.
بدأت حديثها لـ القبس بنبرة ملؤها الأمل والفخر والاعتزاز بقدرتها على هزم الإعاقة بموهبتي الخياطة والطهي لتنافس قريناتها المبصرات.
قالت إنها فقدت بصرها تدريجياً عند بلوغها الرابعة من العمر ولكنها عزمت على ممارسة هوايتها وتنميتها قدر المستطاع فأتقنت حياكة التريكو وخياطة الملابس بتصاميم إبداعية وألوان زاهية ومتناسقة جاذبة للأنظار.
وعن موهبة الحياكة قالت إنها بدأت منذ الصغر عام 1964 حيث كانت مولعة بالخياطة وأنها تعلمت مبادئ التريكو وكيفية مسك الخيط والإبرة في المعاهد التدريبية ومن ثم اعتمدت على ذاتها في تطوير الموهبة وابتكار غرز جديدة وتركيب الأزرار واختيار الألوان المناسبة لكل فئة عمرية.




ولفتت المخيزيم إلى أنها تعتمد على حاسة اللمس في حياكة القطع كما أنها تجيد استخدام ماكينة الخياطة (السنجر) المنزلي ولضم الإبرة مستذكرة أول قطعة قامت بحياكتها في فترة السبعينات للمجاهدين الفلسطينيين بالتعاون مع المدرسات الفلسطينيات بالمدرسة التي كانت تعمل بها.
وامتدت مواهبها الفنية لتجيد بعدها فن الطبخ وصناعة الحلويات والمخبوزات بنفسها فضلاً عن تصليح الأجهزة الكهربائية البسيطة.
وتلخص المخيزيم رحلتها التعليمية في الجامعة بقولها: «لم تكن الإعاقة عثرة أمام طموحي» حيث كانت تعتمد على تسجيل وحفظ المنهج ودراسة الخرائط كتابياً.
ولم تنس دور الكوادر التدريسية الأكاديمية وتعاونها معها في تيسير عملية التدريس لافتة إلى أن معلمتها العراقية في ثانوية المرقاب هي أول من رشحها لدراسة الجغرافيا بعد أن تواصلت مع رئيس القسم في الجامعة.
ونجحت المخيزيم التي أمضت ثلاثين عاماً في مهنة التدريس كمعلمة لمواد الاجتماعيات والتاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية للطالبات الكفيفات في قيادة وتوجيه المعلمات الكفيفات والمبصرات بعد أن ترأست القسم.





من واقع عملها في القطاع التعليمي تحدثت منيرة المخيزيم عن التحديات التي تواجه الطلبة من ذوي الإعاقة البصرية مبيّنة أن بعض الطالبات يتعثرن في دراسة طريقتي «برايل» و«التيلر» أي العمليات الحسابية كما أن الكوادر التدريسية غير مؤهلة وتفتقر إلى مهارة التعليم.





طالبت المخيزيم بإعادة حصص الأشغال اليدوية والتدبير المنزلي للطالبات الكفيفات لصقل مواهبهن.





انتقدت المخيزيم رفض بعض الأسر تعليم أبنائها طريقة «برايل» مشيرة إلى بعض من لديهم بقايا بصر يعتمدون على العدسات المكبرة في تحصيلهم العلمي.