لا يبدو تقديم عدد من النواب أمس الأول لاقتراح جديد بشأن تطبيق منع الاختلاط في التعليم التفافاً على حكم المحكمة الدستورية التي حسمت الأمر بشأن قضية منع الاختلاط بل انه يبدو كالسير عكس الاتجاه.
ففي الوقت الذي تنتفض فيه الدولة بكل قطاعاتها من أجل معالجة الخلل في الموازنة العامة بعد انخفاض أسعار البترول وعبر رفع شعارات الترشيد ووقف الهدر و«شد الحزام» يأتي من يطالب بسن قانون يرفع الكلفة التعليمية إلى الضعف على الدولة.
وبخلاف فكرة التشكيك في أخلاق أبنائنا والإساءة إليهم بمثل هذه المقترحات والأفكار فإن الدراسات الجامعية تشير إلى ان كلفة الطالب مع تطبيق قانون منع الاختلاط ارتفعت من 2500 دينار إلى 8500 دينار في السنة.
ووفق التقارير الصادرة من الإدارة الجامعية فإن التعليم المختلط سيوفر للدولة نحو مليار و17 مليون دينار من كلفة بناء المدينة الجامعية بالشدادية.
وتقدر التقارير نسبة التوفير من ميزانية بناء جامعة الشدادية بنحو %35 من إجمالي الميزانية المقدرة بـ 3 مليارات و45 مليوناً و56 ألف دينار لبناء مباني كليات منفصلة للذكور والاناث.
وليس بعيداً عن هذه الارقام ما يشير الى ازمة القبول المتكررة كل عام في جامعة الكويت فالقدرة الحالية للمباني الجامعية لا تستوعب اكثر من 40 الف طالب وطالبة (نسبة الاناث %70 والذكور %30 تقريباً).
ألم يقرأ مقدمو ذلك الاقتراح تلك الارقام؟! ألم يدركوا ان القاعات الدراسية المخصصة للاناث مع تطبيق منع الاختلاط لن تكفي الطالبات ما دامت المباني منفصلة للبنين والبنات؟!
إن اعداد من يمكن قبولهم سنوياً في جامعة الكويت يمكن ان تتضاعف مع اعتماد التعليم المشترك بدلاً من الازمة السنوية المتكررة التي تهدر فيها سنوات شبابنا وطاقاتهم بانتظار الدور الدراسي.
لماذا يعتقد البعض أنهم الاكثر تديناً من غيرهم؟ والاكثر حرصاً وغيرة على الدين الاسلامي من غيرهم؟
أليست فكرة منع الاختلاط متاجرة انتخابية رخيصة باسم الدين ما دام الاختلاط قائماً في الوزارات والاسواق والمستشفيات وغيرها من جهات الدولة؟!
ثم ما معنى منع الاختلاط في زمن سقطت فيه الحواجز ولم تعد هناك حدود للفكرة او للصورة ولم يعد هناك حدود لمنع شيء؟
لماذا لا ينظر مثل هؤلاء النواب حولهم؟ ألا ترون القفزات التي تحققها الامارات اقتصادياً وتنموياً واجتماعياً؟ ولماذا لا يفكر هؤلاء في مصلحة وطنهم قبل ان يفكروا في مصالح ايديولوجية ضيقة؟